الرئيسية خطب من جامع الأميرة العنود بحائل الأسباب الموجبة لظلال العرش

الأسباب الموجبة لظلال العرش

*فَتَدْنُو الشَّمْسُ مِنَ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِقْدَارَ مِيلٍ، فَيَكُونُ النَّاسُ فِي الْعَرَقِ علَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ الْعَرَقُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَن يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَن يَكُونُ إِلَى مَعْقِدِ الْإِزَارِ مِنْهُ، وَمِنْهُمْ مَن يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا، كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ, فَتَشْتَدُّ الْكُرُوبُ، وَتَفْزَعُ الْقُلُوبُ، وَتَذِلُّ الرِّقَابُ، وَيَطُولُ انْتِظَارُ الْحِسَابِ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَفِي هَذَا الْمَوْقِفِ الْعَصِيبِ, يُكْرِمُ اللهُ أَقْوَامًا, وَيَسْتَأثِرُهُم, لِيَكُونُوا فِي ظِلِّ عَرْشِهِ, فَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ, يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ, وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ, وَجَمَالٍ, فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ, فَأَخْفَاهَا, حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ, مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَاليًا, فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ).
مَعَاشِرَ المُؤمنينَ: مِنَ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِظِلَالِ الْعَرْشِ: الْعَدْلُ فِي الْحُكْمِ وَالْوِلَايَةِ؛ وَالْمُرَادُ بِهِ, الْإِمَامُ الْعَادِلُ, صَاحِبُ الْوِلَايَةِ الْعُظْمَى, وَيُلْحَقُ بِهِ كُلُّ مَن وَلِيَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا، فَأَرْسَى دَعَائِمَ الْحَقِّ, وَالْعَدْلِ, وَالْمُسَاوَاةِ بَيْنَ رَعِيَّتَهُ.
وَمِنَ الْأَسْبَابِ أَيْضًا: شَابٌ نَشَأَ مُغْتَنِمًا زَهْرَةَ شَبَابِهِ, وَمَرْحَلَةَ قُوَّتِهِ, وَنَشَاطِهِ, فِي طَاعَةِ رَبِّهِ حُبًّا, وَإِيثَارًا لِمَرْضَاتِ رَبِّهِ, عَلَى شَهَوَاتِ نَفْسِهِ.
وَمِنَ الْأَسْبَابِ أَيْضًا: حُبُّ الْمَسَاجِدِ, وَالتَّعَلُّقُ بِهَا, فَالْمَسَاجِدُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ, أُنْسٌ, وَلَذَّةٌ, وَحَيَاةٌ.
وَمِنَ الْأَسْبَابِ أَيْضًا: الْحُبُّ فِي اللهِ, وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ خَالِصًا لِلهِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ الْإِيمَانِ, وَلَئِنْ فَرَّقَتْ بَيْنَهُمُ الْأَرْحَامُ, فَقَدْ لَمَّ شَمْلُ الْإِسْلَامِ.
وَمِنَ الْأَسْبَابِ أَيْضًا: رَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ, وَجَمَالٍ, لِيَفْجُرَ بِهَا, فَأَبَى الْوُقُوعَ فِي وَحْلِ الْفَاحِشَةِ, وَامْتَنَعَ خَوْفًا مِنَ اللهِ.
وَمِنَ الْأَسْبَابِ أَيْضًا: رَجُلٌ تَذَكَّرَ رَبَّهُ بِقَلْبِهِ, أَوْ ذَكَرَهُ بِلِسَانِهِ بَعِيدًا عَنْ أَعْيُنِ الْمَخْلُوقِينَ, فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ, أَوِ الشَّوْقِ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَدْفَعْهُ إِلَى ذَلِكَ رِيَاءٌ, وَلَا سُمْعَةٌ.
وَمِنَ الْأَسْبَابِ أَيْضًا: إِنْظَارُ الْمُعْسِرِ, الْعَاجِزِ, عَنْ سَدَادِ دَيْنِهِ, إِلَى أَنْ يُغْنِيَهُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ، أَوْ حَط ُّالدَّيْنِ عَنْهُ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا, أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ, يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ).

*فَمِنَ الْأَسْبَابِ أَيْضًا: إِخْفَاءُ الصَّدَقَةِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاظِرِينَ, لِتَكُونَ ذُخْرًا لَهُ يَوْمَ الدِّينِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (كُلُّ امْرِىءٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُقْضَى بَينَ النَّاسِ).
مَعَاشِرَ المُؤمنينَ: هذِهِ الْأَسْبَابُ مَنْ كَانَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنهَا, فَازَ بِالْاسْتِظْلَالِ بِظِلِّ الْعَرْشِ، فَتغَاَنَمُوا فُرْصَةَ الْحَيَاةِ, وَجِدُّوا, وَشَمِّرُوا, فَالْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابٌ, وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلٌ.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

📅

المناسبات القادمة

تحميل المناسبات...