فضل إنظار المعسر

*فَأَمَرَتِ الشَّرِيعَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ بِحُسْنِ الْأَدَاءِ، وَالْإِكْرَامِ لِلدَّائِنِ عِنْدَ الْقَضَاءِ، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ, أَنّ النبيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فلمْ يَجِدْ إِلَّا خِيارًا، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَعْطِهِ إِيَّاهُ، فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ, أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً).
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: إِنَّ مِنْ وَصَايَا الشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ التَّيْسِيرُ عَلَى أَهْلِ الْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ، فَأَوْجَبَ الْإِسْلَامُ إِمْهَالَ الْمُعْسِرِ عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ, إِلَى أَنْ تَنْفَكَّ ضَائِقَتُهُ، فَقَالَ تَعَالَى: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ) وَالْعُسْرَةُ هِيَ ضِيقُ الْحَالِ, مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الْمَالِ.
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: التَّيْسِيرُ عَلَى الْمُعْسِرِينَ فَضْلُهُ كَبِيرٌ، وَأَجْرُهُ عَظِيمٌ، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ, أَنّ النبيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ, يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) أَلَا وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ التَّيْسِيرِ, الْحَطُّ مِنَ الدَّيْنِ, كُلًّا أَوْ جُزْءًا، قَالَ تَعَالَى: (وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ) وَجَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كَانَ تَاجِرٌ يُبَايِعُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا, قَالَ لِفِتْيَانِهِ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللهُ عَنْهُ) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَاتَ رَجُلٌ، فَقِيلَ لَهُ: بِمَ غَفَرَ اللهُ لَكَ؟ فَقَالَ: كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ، فَأَتَجَوَّزُ عَنِ الْمُوسِرِ، وَأُخَفِّفُ عَنِ الْمُعْسِرِ) وَعِنْدَ مُسْلِمٍ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجَيَهُ اللهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ, أَوْ يَضَعْ عَنْهُ) وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا, أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ).
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: تَفَقَّدُوا الْمَسَاكِينَ، وَوَاسُوهُمْ بِمَا أَعْطَاكُمُ اللهُ، وَيَسِّرُوا عَلَيْهِمْ بِمَا حَبَاكُمُ اللهُ، فَعِنْدَ مُسْلِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) وَفِي الْمُسْنَدِ: (مَنْ أَرْادَ أَنْ تُسْتَجَابَ دَعْوَتُهُ، وَأَنْ تُكْشَفَ كُرْبَتُهُ، فَلْيُفَرِّجْ عَنْ مُعْسِرٍ).

*فَمِنَ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ الَّتِي أَكَّدَ الْإِسْلَامُ عَلَى الْحِرْصِ عَلَيْهَا، وَالْعِنَايَةِ بِشَأْنِهَا، وَأَكَّدَ عَلَى عَدَمِ الْمَطْلِ بِهَا، أَوِ التَّسْوِيفِ فِي أَدَائِهَا عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهَا: أُجْرَةُ الْأُجَرَاءِ، وَحُقُوقُ الْعُمَّالِ الضُّعَفَاءِ، فَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ, رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأَجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوفَىَ مِنْهُ, وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ) وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَه, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ).

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

📅

المناسبات القادمة

تحميل المناسبات...